قدر خبير مائي حجم ما ضخته المملكة في مجال التنمية الزراعية حتى عام (1990) قرابة (130) مليار ريال، إلى جانب توزيع ثلاثة ملايين هكتار من الأراضي البور الصحراوية
وأرجع سبب هبوط مناسيب المياه الجوفية ونضوبها في بعض المواقع في مناطق الصخور الرسوبية إلى سياسة التنمية الزراعية الأفقية التي اتبعتها وزارة الزراعة والمياه سابقا، والتي مازالت مستمرة حتى اليوم.
وأكد د. محمد بن حامد الغامدي، عضو هيئة التدريس، بجامعة الملك فيصل، خلال محاضرة بعنوان “همُّ الماء” في ديوانية الأطباء، غياب خارطة طريق بيئية وزراعية خلال السنوات الماضية، وكانت كل المؤشرات تنذر بكارثة، إلا أنه تم تجاهل المؤشرات وتحذيرات العلماء والى اليوم، من هذه المؤشرات أن استنزاف زراعة القمح من المياه الجوفية خلال عام (1994) خلال ثلاثة شهور فاقت انتاج محطات التحلية لمدة (17) سنة بثمن يعادل (80) مليار ريال، ليس هذا فقط ولكن بلغت تكاليف شراء الحكومة من القمح أكثر من (75) مليار ريال بسعر يفوق الأسعار العالمية، في الوقت الذي كان يعلم الجميع أن زراعته غير اقتصادية، إلا ان د. الغامدي عاد وبين ان رؤية المملكة 2030 ستقدم حلولا لإشكاليات المياه الجوفية والمحافظة عليها، مطالبا في ذات السياق بوجود جمعية للمحافظة على المياه.
وانتقد الخبير المائي د. الغامدي، مشروع الري والصرف بالأحساء، واعتبره أداة لإهدار مياه الاحساء خلال العقود الماضية من تشغيله، ومازال حتى اليوم بعيدا عن تحقيق اهداف تأسيسه في أغنى أرض بالمياه في المملكة، حيث ان المشروع تسبب في كارثه نضوب المياه وجفاف العيون في الاحساء على حد وصفه.
وطالب، أن يكون حفر الآبار تحت سيطرة الجهات الرسمية وتابعة للدولة وليس للأفراد والشركات والمؤسسات، لأن هذا سيعمل على تنظيم حفر الآبار بطريقة صحيحة دون تأثيرات سلبية تساهم في نضوب المياه وانخفاض مناسيبها سنة بعد أخرى، أو أن يكون حفر الآبار إلزاميا بوجود جهة حكومية تراقب عمليات الحفر، وألا تترك عمليات الحفر للمجتهدين والمستغلين الذين يحفرون عشرات الآبار بمساحة صغيرة تتسبب في هبوط مناسيب المياه بشكل حاد ومضر.
وكشف د. الغامدي، ان انهيار النظم الزراعية والمائية التقليدية إحدى علامات التصحر، وقد ظهرت كل علامات التصحر في كل أجزاء المملكة، واعتبر السدود إحدى هذه العلامات.
وانتقد التوسع في بناء محطات التحلية، وأشار إلى أنها غير اقتصادية ويمكن استغلال تكلفتها السنوية التي تعادل (17) مليارا سنويا لإنتاج (1.2) مليار متر مكعب سنويا، في استغلال مناطق الدرع العربي المطيرة.
وعلق د. الغامدي، الجرس بقوله إن الثروة المائية بالمملكة تعاني من الاستنزاف الجائر، والهدر غير المسؤول، ومن سوء الإدارة، ومن التلوث، ومن تجاهل تنميتها وحمايتها، محذرا بأن القضية ليست شرب الماء بل كارثة بيئية، خاصة ونحن نعيش في بيئة صحراوية حساسة وهشة، حيث ذكر نحن امام مفترق طرق ومراجعه شاملة تتطلب تضافر جميع جهود علماء المملكة بهذا المجال، وفي الختام ذكّر بمقولته “نحن لم نرث الأرض لكننا مستأمنون عليها”.